جدل فني في دمشق: قرار يحظر “الموديل العاري” يعمق الانقسامات في كلية الفنون الجميلة
جدل واسع حول قرار منع الموديل العاري بكلية الفنون الجميلة بدمشق
أحدث القرار الذي أصدرته كلية الفنون الجميلة في دمشق مناقشات حادة بين الطلاب والمسؤولين، حيث يمنع الأعمال الفنية التي تتضمن استخدام الموديل العاري في مجالات النحت والتصوير والطباعة. وقد تمخض هذا القرار، الذي أصدر مؤخراً، عن تباين الآراء، بين من يؤيد ومن يعارض. فنص القرار، وفقاً لمناصريه، يهدف إلى الحفاظ على القيم والأخلاقيات الاجتماعية، بينما ينظر إليه المعارضون كخطوة تراجعية تؤثر سلباً على جودة التعليم الأكاديمي.
تحديات تواجه الطلاب
قرار منع الموديل العاري في سوريا
تشير الطالبة تاليا المصري، التي في سنتها الرابعة، إلى أن هذا القرار جاء في وقت حاسم، حيث صدر بعد أن بدأ الطلاب بالفعل العمل على مشاريع تخرجهم. وتوضح تاليا أن مشروعها، الذي خصصت له شهرين، يدور حول مفهوم ‘التحرر’، وتعتبر أنه من غير المقبول حظر هذه الأعمال، مذكرة بأن هذا النوع من الفن لا يتعارض مع المبادئ الدينية أو الآداب العامة. كما تعبر عن قلقها من القيود الزمانية، حيث لم يتبق سوى أسبوع واحد لتسليم المشاريع، مما يسبب صعوبة كبيرة في تعديل أو تغيير تلك الأعمال.
أما الطلاب عبد الله اليوسف، والذي يدرس أيضاً في السنة الرابعة، فيرى أن القرار يضر جوهريًا بالعملية التعليمية، التي تعتمد بشكل كبير على دراسة التشريح لفهم تفاصيل الجسم البشري. ويتساءل عن كيفية إمكانية تدريس النحت دون الاستناد إلى النماذج التشريحية. ولكنه يوضح أن الكلية تستخدم نماذج جبسية بدلاً من النماذج البشرية العارية، ويشير إلى توجيه عميد الكلية للطلاب بإتمام أعمالهم وفق المعايير الجمالية المحددة.
اختلاف الآراء حول الأثر الثقافي
يدعم الطالب أحمد بلان القرار لكنه يعبر عن قلقه حيال تأثيراته على الثقافة السورية التي ترفض استخدام الموديل العاري. ويشير إلى أن استخدام نماذج جبسية يكفي لتعليم مبادئ التشريح الفني. وفي نفس الوقت، يحذر من الآثار الثقافية لهذا القرار، مشدداً على أن الفن يمثل الواجهة الثقافية لأي بلد، وأن للفن السوري تاريخاً عريقاً. ويؤكد بلان أن هذا القرار قد يحد من الإبداع ويضع قيودًا على الفن الذي يجب أن يكون معبراً بلا حدود.
تأكيد العميد على أن قرار منع الموديل العاري ليس جديدًا
من جهته، أكد عميد كلية الفنون الجميلة، الدكتور فؤاد دحدوح، أن هذا القرار ليس بجديد، بل يستند إلى قرارات سابقة، مستعرضاً تاريخ تأسيس الكلية في فترة الوحدة السورية-المصرية عندما تم تطبيق قرارات مشابهة لمؤسسة الأزهر في مصر. وأشار إلى أن لا كلية فنون في الوطن العربي تسمح باستخدام الموديل العاري، وأن الكلية تعتمد على نماذج تشريحية موجودة في جميع المتاحف العالمية.
وفيما يتعلق بمخاوف طلابه من آثار القرار على الإبداع، asegura العميد أن هذا القرار لن يؤثر سلباً على القيم الجمالية للفن وأن الطلاب سيستكملون مشاريعهم باستخدام النماذج الجبسية والمشاريع التشريحية.
خلفية التعليم الأكاديمي في الفنون
يعتمد نظام التعليم الأكاديمي في كليات الفنون في مختلف أنحاء العالم على دراسة التشريح البشري، بما في ذلك استخدام الموديل العاري، لتعزيز مهارات الطلاب في الرسم والنحت وتعزيز فهمهم لنسب الجسم وحركاته. ولكن أثار هذا الأسلوب جدلاً عاما في بعض الدول العربية على مر السنوات، مما أدى إلى استبداله بنماذج جبسية أو صور تشريحية، وذلك لأسباب تتعلق بالاعتبارات الدينية والاجتماعية.
