أفغانستان تحت ضغط أزمة اقتصادية وإنسانية مع عودة مليوني لاجئ
أزمة اقتصادية خانقة ترافق عودة اللاجئين إلى أفغانستان
تعيش أفغانستان، التي تُعتبر واحدة من أفقر الدول على مستوى العالم، أوقاتًا صعبة نتيجة عاصفة اقتصادية مدمرة تسبب بها عودة نحو مليوني لاجئ من الدول المجاورة. هذه العودة تهدد بإنهيار الاقتصاد الذي يعاني بالفعل من انحدار.
عودة قسرية تحت ضغط خارجي
تأتي هذه العودة الجماعية كدليل على حملة ترحيل قسرية من قبل كل من إيران وباكستان، مدفوعة بمشاعر سلبية تجاه الأجانب وضغوط سياسية متزايدة. يعود هؤلاء اللاجئون، الذين فقد أغلبهم وظائفهم ومنازلهم، إلى وطن يواجه العديد من التحديات، حيث تحتاج أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 42 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
أزمات متداخلة تؤثر بشكل مزدوج
تتزامن هذه الأوضاع مع تراجع كبير في المساعدات الأجنبية، خاصة بعد أن أوقفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية نشاطاتها هذا العام، مما أدى إلى إغلاق أكثر من 400 منشأة صحية وترك مئات الآلاف بلا مصادر غذائية موثوقة.
وصف بيتر شودري، الخبير في السياسات من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الوضع بأنه “عاصفة اقتصادية بكل ما تعنيه الكلمة”. كما يشير إبراهيم بهيس، المحلل المتخصص في الشأن الأفغاني، إلى أن هذه الأزمات “تسبب تأثيراً متسلسلاً على اقتصاد كان يعاني جراء سنوات من الصعوبات.”
التحديات الاجتماعية والاقتصادية
تشرع معدلات البطالة في الارتفاع مع عودة اللاجئين، حيث اعتاد العديد منهم على العمل في إيران وباكستان لدعم أسرهم. يقول غلام علي حسيني، الذي عاد مؤخرًا من إيران، إنه لا يستطيع العثور على عمل أو سكن، بعد أن كان يكسب 6 دولارات يوميًا من عمله في البناء.
ضغوط غير مألوفة على القوى العاملة
على الصعيد المحلي، أدت القيود المفروضة على عمل النساء إلى استبعاد نصف القوى العاملة من فرص العمل بشكل كبير. فقد كانت “إيلاها” تعمل في صالون تجميل بإيران، لكن بعد ترحيلها، تجد نفسها الآن بلا عمل، بينما يكافح والدها وشقيقها للعثور على وظائف مناسبة.
انسداد قنوات التحويل المالي
مع عودة اللاجئين، توقفت التحويلات المالية التي كانت تسهم بها الجالية الأفغانية في الخارج لدعم أسرهم. ويواجه العديد من العائدين صعوبة في سحب أموالهم من البنوك الإيرانية أو استرداد ودائعهم، ما يزيد من معاناتهم المالية.
تداعيات تخفيضات الحكومة
في ظل نقص السيولة ونقص المساعدات، قامت الحكومة بتسريح الآلاف من موظفيها المدنيين والعسكريين، كما خفضت الرواتب. صرح مسؤول في إدارة مالية إقليمية بأنه لم يعد يتمكن من تأمين إلا ثلث احتياجاته الغذائية، بينما اضُطر قائد سابق في القوات المسلحة، يعمل الآن كـسائق تاكسي، إلى تقليص عدد وجبات أسرته اليومية.
آمال بين الأزمات وتطلعات للمستقبل
رغم الأوقات العصيبة، تظهر بعض المؤشرات الإيجابية، حيث وقعت الحكومة الأفغانية اتفاقًا بقيمة 10 مليارات دولار مع شركة إماراتية لتوليد الكهرباء، وتعهَدت الصين بزيادة وارداتها من المنتجات الأفغانية. كما أن اعتراف روسيا بالحكومة الحالية يعد بمزيد من الدعم المالي المحتمل.
ومع ذلك، يحذر عمال الإغاثة من أن الاستجابة الإنسانية الحالية لا تزال غير كافية، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء. كما أعلنت الحكومة الباكستانية عزمها طرد 1.3 مليون لاجئ أفغاني إضافي، ما يهدد بتفاقم الأوضاع.
تعتبر السلطات الأفغانية تدفق العائدين “قضية خطيرة”، لكنها ترى إمكانية مساهمتهم في بناء البلاد من جديد، وتحث الشركات الأجنبية على الاستثمار. ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة، ويظل مصير ملايين الأفغان معلقًا في الهواء.
