نهر العاصي في شمال غربي سوريا يعاني جفافاً شديداً لم يُسجّل منذ 54 عاماً

نهر العاصي في شمال غربي سوريا يعاني جفافاً شديداً لم يُسجّل منذ 54 عاماً

أزمة جفاف نهر العاصي: تحديات بيئية واقتصادية

في مشهد بيئي مؤلم وغير معتاد، يشهد نهر العاصي في سهل الغاب شمال غرب سوريا مستويات جفاف مقلقة، وهي المرة الأولى التي يعاني فيها من هذه الظاهرة منذ أكثر من خمسين عامًا. هذه الأزمة تهدد بشكل خطير الحياة المائية والأقتصاد المحلي الذي يعتمد بشكل أساسي على هذا النهر كمورد للمياه والغذاء.

جفاف تاريخي: تداعيات على البيئة والمجتمع

وفقًا لتقرير نشرته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، تعرض نهر العاصي، الذي كان يعتبر شرياناً مائياً أساسياً بالمنطقة، لانخفاض غير مسبوق في منسوب المياه. هذه الحالة أدت إلى تشققات في سطح الأرض وتجمع برك راكدة في عدة مواقع. تأتي هذه الأزمة في أعقاب تراجع الأمطار إلى أقل من ربع المعدل السنوي، مما تفاقم الأزمات البيئية والإنسانية.

أعرب باسم حبابة، صياد من بلدة التمانعة، عن قلقه من الوضع الراهن، قائلاً: “لقد شهد نهر العاصي أسوأ حالات الجفاف منذ 54 عاماً”، واصفًا انخفاض مستوى المياه بشكل مخيف وأسفر عن نفوق العديد من الأسماك جراء الانحسار الحاد في المياه وزيادة درجات الحرارة. كما أشار إلى تراجع شتى أنواع الأسماك المحلية مثل الكرب والسلور والمشط.

الصيد العشوائي: أمل السكان وسط الجفاف

مع تفاقم الجفاف، لجأ العديد من سكان المناطق المحيطة بنهر العاصي إلى أساليب الصيد العشوائي، مستخدمين طرقًا بدائية مثل الشباك والصنارات التقليدية. ورغم أن هذه الممارسات أصبحت تمثل وسيلة للبقاء، فإنها تحولت أيضاً إلى صراع للبقاء ضد الفقر والجفاف، حيث تحولت الأسماك، التي كانت تعتبر مصدر رزق رئيسي للعديد من العائلات، إلى مجرد “ذكريات”، كما وصفها ماجد عبدو، أحد الصيادين من بلدة جسر بيت الراس.

وحذر محمد ضاهر، صياد من بلدة العمقية، من أن المشاريع السمكية التي كانت قائمة على ضفاف نهر العاصي قد انهارت تمامًا نتيجة الجفاف. إذ انخفض إنتاج المزارع السمكية في سهل الغاب من 40% إلى أقل من 10%، مما أضطر أصحاب هذه المشاريع إلى ضخ المياه من الآبار بتكاليف مرتفعة، وهو ما يعكس عمق الأزمة التي تعاني منها المنطقة.

تحديات الزراعة والمخاطر الصحية

لا تقتصر آثار الجفاف على قطاع الصيد فقط، بل انتشرت إلى الزراعة بشكل كبير. فقد تضرر الري الزراعي بشدة، مما دفع الفلاحين في سهل الغاب إلى تقليص مساحات زراعاتهم أو تركها بورا بسبب عدم توافر المياه، حيث لم تعد المحاصيل التي كانت تعتمد على نهر العاصي قادرة على البقاء في ظل شح المياه، مما يهدد الأمن الغذائي في المنطقة.

وعلاوة على ذلك، فإن ندرة المياه دفعت السكان إلى استخدام مصادر مائية ملوثة، وهو ما يعزز انتشار الأمراض، مما يمثل تهديداً صحياً خطيراً للسكان المحليين.

خطر الانقراض البيولوجي: النظام البيئي في خطر

في السياق نفسه، حذر خبراء البيئة من أن الحياة المائية في نهر العاصي تواجه تهديدًا وجوديًا، حيث تشير التقارير إلى غزو الأنواع الغازية مثل السللور الأفريقي، مما يتسبب في تدمير الموائل الطبيعية للأسماك المحلية من خلال افتراس بيضها. هذا التغيير في النظام البيئي قد يؤدي إلى انقراض بعض الأنواع السمكية المحلية، مما يهدد تنوع الحياة البيولوجية في المنطقة.

نداء urgent للتدخل

في ظل هذه الظروف المأساوية، أعربت التقارير الإعلامية المحلية عن الحاجة الملحة لتدخل سريع من الجهات الحكومية والهيئات المعنية لإنقاذ نهر العاصي قبل أن يصبح مجرد فصل في تاريخ البيئة السورية الذي يصعب عكسه. وقد وجه الخبراء والمواطنون في المنطقة نداءً للمجتمع المحلي والمنظمات البيئية لاتخاذ إجراءات عاجلة تشمل:

  • ترشيد استخدام المياه.
  • تعزيز برامج إدارة الموارد المائية.
  • إعادة تأهيل النهر والنظم البيئية المحيطة.
  • تقديم الدعم الفني والمالي للصيادين والمزارعين المتأثرين.