تحويل الدول العربية إلى كيانات صغيرة تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد

تحويل الدول العربية إلى كيانات صغيرة تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد


أمد/ تسعى “إسرائيل”، من خلال عدوانها المتواصل والإبادة الجماعية في قطاع غزة، والضفة الغربية، ومخيماتها، ومدينة القدس الشرقية، إلى تحقيق هدف جوهري يتمثل في تهجير الشعب الفلسطيني خارج حدود فلسطين.

ومنذ تأسيس “دولة إسرائيل” والاعتراف بها من قِبل الأمم المتحدة وفقًا لقرار التقسيم رقم 181 لعام 1947، لم يتم تنفيذ الشق الثاني من هذا القرار، والمتمثل في الاعتراف بدولة فلسطين ونيلها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق، نشير إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، الصادر في 23 كانون الأول/ديسمبر 2016، والذي ينص على وقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، ويؤكد عدم شرعية إنشاء المستوطنات في الأراضي المحتلة منذ عام 1967.

لكن هذه القرارات، ومع أنها صادرة عن مجلس الأمن، لا تُنفذ، والسبب هو غياب آلية تنفيذ حقيقية تعتمد على الفصل السابع وفرض العقوبات، في ظل المعايير المزدوجة التي تنتهجها بعض القوى الدولية، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، التي توفر الحماية والدعم الكامل لإسرائيل رغم كونها دولة احتلال تنتهك القانون الدولي.

ولا يقتصر العدوان الإسرائيلي على فلسطين، بل يمتد إلى سوريا ولبنان دون أي مساءلة دولية.
وفي هذا السياق، ألقى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قبل أيام من 7 أكتوبر، كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78، تمحورت حول “آفاق السلام والتطبيع مع الدول العربية”، وظهرت في خطابه خريطة للشرق الأوسط طُغِي عليها اللون الأخضر الداكن، والذي مثّل الدول التي وقعت أو تفاوضت على اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وهي: مصر، السودان، الإمارات، السعودية، البحرين، والأردن.

المثير للانتباه أن الخريطة خلت تمامًا من أي وجود لدولة فلسطينية، بل غطى اللون الأزرق الذي يمثل إسرائيل كامل الضفة الغربية وقطاع غزة.

وهنا لا بد أن نُذَكِّر بخطاب الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، الذي قال قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية:
“مساحة إسرائيل الجغرافية صغيرة مقارنةً بدورها، ويجب توسيعها من خلال فرض التطبيع، وتوسيع نطاق الاتفاق الإبراهيمي في الدول العربية والإسلامية.”

وهذا يؤكد أن العدوان على لبنان وسوريا ليس عابرًا، بل جزء من مشروع تفتيت الأمة عبر الصراعات الطائفية والدينية والعرقية، لإعادة تشكيل المنطقة وفق ما يُعرف بـ “الشرق الأوسط الجديد”، بحيث تُحوَّل الدول العربية إلى دويلات متناحرة.

لهذا، أصبح من الضروري على الدول العربية والإسلامية أن تعمل على:
1. تحصين الجبهة الداخلية سياسيًا وأمنيًا ومجتمعيًا.
2. مواجهة الطابور الخامس الذي يسعى لإشعال الفتن داخليًا، وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
3. الانتباه من الدور الخطير الذي تقوم به الوحدة الإسرائيلية 8200، المختصة بالحرب الإلكترونية وبث الشائعات والانقسامات عبر الإعلام والمنصات الرقمية.

كما نؤكد على ضرورة عدم التعميم أو المسّ بأي طائفة أو مكوّن، ومنهم أبناء الطائفة الدرزية (بني معروف) وغيرهم من مختلف الاتجاهات، فالله عز وجل قال:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13].

لذلك، علينا جميعًا مسؤولية وطنية وقومية ودينية في مواجهة مشروع الكيان الصهيوني، الذي لا يستثني أحدًا، ويستهدف تمزيق الأمة، والسيطرة على مقدراتها وثرواتها، من المحيط إلى الخليج.



تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *