
لم يتأخر خروج النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي، للرد على تصريحات رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، حول خلفيات خروج ساكنة أيت بوكماز وما اعتبره استغلالاً سياسياً لانتفاضة المحتجين، وهو ما أثار مفارقة في السلوك السياسي للقيادي بـ”البيجيدي”، الذي اختفى حين وقوع فاجعة “عمارة فاس” وعدم تقديمه لأي معطيات أو توضيحات على الرغم من تقلده مسؤولية رئاسة جماعة فاس خلال الولاية السابقة ودرايته بتفاصيل هذه المأساة.
وفي ماي المنصرم، أُفجِعت ساكنة فاس بفقدان 10 أشخاص من سكان العمارة التي انهارت دون تدخل للسلطات المحلية من أجل فرض قرار الإفراغ، باستعمال القوة العمومية، أو توفير بدائل للسكن لصالح المعنيين بقرارات الإفراغ، لمدة وصلت 6 سنوات.
ووجد حينها عمدة مدينة فاس، إدريس الأزمي، نفسه في قلب الجدل حول التراخي في حماية ساكنة مثل هذه البيانات الآيلة للسقوط، بعدم سلوكه المساطر المنصوص عليها في القانون رقم 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري لتفادي وقوع مثل هذه الكوارث، ما استوجب، حسب المتتبعين، خروج الأزمي لتوضيح دقة وصحة هذه الاتهامات من عدمه، وهو ما لم يتم إلى اليوم.
وكان كاتب الدولة المكلف بالإسكان، أديب بنراهيم، قد أكد أن مسؤولية انهيار “عمارة فاس” يتحملها رئيس المقاطعة وعمدة مدينة فاس السابق، الذي لم يقم بالإجراءات اللازمة خلال الفترة ما بين 2018 و2021.
ولم يكتف عمدة فاس السابق، بالتواري عن الأنظار، خلافاً لخرجاته المتوالية من أجل التوضيح والتدقيق في كل صغيرة وكبيرة، وإنما لم يرد على اتصالات الصحافة من أجل توضيح الخلفيات المتعلقة بحياة 10 مواطنين مغاربة، حيث حاولت جريدة “مدار21” الإلكترونية ربط الاتصال، نصياًَ وهاتفيا، به لأكثر من عشر مرات، دون أن تتلقى جواباً من طرفه أو توضيحات تساعد على رفعه اللبس الذي أحاط بهذه الفاجعة.
وتخفي مثل هذه السلوكات، حسب متتبعين للشأن السياسي، مفارقة كبيرة في السلوك السياسي لعدد من الفاعلين الحزبيين بالمغرب، حين يختارون الاختفاء عن الأنظار والصمت في قضايا مهمة وقريبة ومؤثرة في الحياة اليومية للمواطنين، مقابل التباري في التلاسن الحزبي والصراعات الشخصية بين قيادات الأحزاب السياسية.
محمد شقير، محلل سياسي، قال إن “إدريس الأزمي اختار الركوب على جدل مسيرة أيت بوكماز لكي ينتقد العمل الحكومي في حملة انتخابية مكشوفة”، مشيراً إلى أنه “كان من نفس الشخص أن يخرج للإجابة عن الاتهامات التي وجهت له في فاجعة انهيار عمارة بجماعة كان يترأسها خلال ولايته والتي أودت بالعديد من الضحايا، ما يعكس ازدواجية في السلوك السياسي وعدم الوعي بتحمل المسؤولية”.
واعتبر شقير، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “الشجاعة السياسية لا تقتصر فقط على التباهي بالمنجزات وإنما بالأخلاق السياسية تتجلى في تحمل كل أعباء المسؤولية بإيجابياتها وسلبياتها”.
وأوضح المحلل السياسي عينه أن “مثل هذه السلوكات تظهر أن المسؤولين السياسيين، على غرار إدريس الأزمي وغيره، لا يمتلكون لا الشجاعة ولا النضج في تحمل كامل مسؤوليتهم بدليل أن الأحزاب، التي عادة ما تكون في الحكومة وتتموقع بالمعارضة، تتنصل من مشاريع فشلت في تدبيرها وتحمل الحكومة التي حلت محلها مسؤولية ذلك”.