تبادلت حركة حماس وإسرائيل، السبت، الاتهامات بإفشال المحادثات غير المباشرة الجارية في العاصمة القطرية الدوحة، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.
وفيما ترى حماس أن الخرائط الإسرائيلية الجديدة تمهّد لاحتلال فعلي لأجزاء كبيرة من القطاع وتهجير جماعي للسكان، اتهم مسؤولون إسرائيليون الحركة بعدم تقديم أي تنازلات، وشن “حرب نفسية” لتعطيل المحادثات.
خرائط إعادة التموضع تشعل الأزمة
بحسب مصدر فلسطيني تحدث لوكالة فرانس برس، فإن المفاوضات تمرّ بـ”تعثر وصعوبات معقّدة” بسبب تمسك إسرائيل بخريطة انسحاب قدمتها الجمعة، تتضمن ما وصفه بـ”إعادة انتشار” وليس انسحابًا حقيقيًا، مع الإبقاء على قواتها في أكثر من 40% من أراضي قطاع غزة.
وحذّر المصدر من أن هذه الخريطة تسعى فعليًا لحشر مئات الآلاف من النازحين في منطقة صغيرة غرب رفح، تمهيدًا لفرض واقع تهجيري نحو مصر أو دول أخرى، وهي خطوة ترفضها حماس رفضًا قاطعًا، كونها تهدد النسيج الديمغرافي للقطاع، وتحوّل غزة إلى مناطق معزولة بدون معابر أو حرية تنقّل، بحسب تعبيره.
اتهامات إسرائيلية لـ”حماس”: تعرقل وتسوّف
في المقابل، اتهم مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع حركة حماس بأنها تقف وراء عرقلة التوصل إلى اتفاق تهدئة، وذلك برفضها المتكرر للمقترحات، بما فيها خطة قطرية لوقف إطلاق النار مدته 60 يومًا.
وقال المسؤول إن حركة حماس لا تقدّم أي تنازلات، وتواكب المفاوضات بحرب نفسية هدفها تقويض المحادثات.
وأشار إلى أن إسرائيل أظهرت مرونة، في مقابل تعنّت الطرف الآخر.
تأجيل حسم الانسحاب بانتظار واشنطن
وسط هذا التوتر، قال مصدر فلسطيني إن الوسطاء القطريين والمصريين طالبوا بتأجيل مناقشة ملف الانسحاب إلى حين وصول المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى الدوحة.
وأشار مصدر آخر مطلع إلى أن حماس طالبت بانسحاب إسرائيلي كامل من المناطق التي أعادت قوات الاحتلال السيطرة عليها بعد 2 مارس الماضي، مشددًا على أن إسرائيل تتبع سياسة مماطلة لفرض واقع ميداني جديد على الأرض.
ولفت المصدر إلى أن بعض التقدم أُحرز في ملف المساعدات وتبادل الأسرى، إلا أن العقبة الجوهرية ما زالت تتعلق بملف إعادة انتشار القوات الإسرائيلية.
تصريحات من حماس: نتنياهو يراوغ
وفي تصريحات لشبكة “سي إن إن” الأميركية، أكد مسؤولون في حماس تعثر المحادثات، وألقوا باللوم مباشرة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متهمينه بـ”إضافة شروط جديدة في كل مرة”، وأحدثها خرائط الانتشار العسكري.
وقال أحد المسؤولين إن موقف إسرائيل من إعادة الانتشار هو العقبة الحقيقية، موضحًا أن الحركة لا تتمسك بانسحاب كامل كما في السابق، بل تقبل انسحابًا جزئيًا وفق خرائط 19 يناير 2025 مع تعديلات طفيفة.
ورأى المسؤول أن تصريحات نتنياهو الأخيرة خلال زيارته للولايات المتحدة مجرد بروباجندا سياسية وإعلامية، لا تعكس نية جدية للتوصل إلى اتفاق يوقف نزيف الدم في غزة.
سباق ضد الزمن والنازحون في مهبّ التهجير
بين خرائط إعادة التموضع ومطالب الانسحاب الكامل، يبدو أن المفاوضات تسير في حلقة مفرغة، تتهددها الانهيارات السياسية والميدانية. ومع استمرار الخلاف على القضايا الجوهرية، لا يزال ملايين المدنيين في قطاع غزة يدفعون الثمن الأكبر، وسط مخاوف متصاعدة من أن تتحول المفاوضات إلى مجرد غطاء لاستمرار العمليات العسكرية، وفرض واقع جديد على الأرض قد يكون من الصعب التراجع عنه لاحقًا.