باريس يحصد النجمة الأولى..أمسية الأبطال تُنصف فلسفة إنريكي

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


وأصبح فريق باريس سان جيرمان هو ثاني نادي فرنسي يُتوج بدوري الأبطال بعد مارسيليا في 1993.

وخرج مُتابعو اللقاء النهائي بعدة مُلاحظات فنية على مدار أحداث 90 دقيقة نسرد بعضاً منها خلال السطور التالية:

إنريكي يستعرض عضلاته

دخل باريس سان جيرمان اللقاء برسمٍ تكتيكي 4-3-3، واختار المُدرب لويس إنريكي التعويل على الثلاثي خفيتشا كفاراتسخيليا وعثمان ديمبيلي وديزيري دوي في خط الهجوم.

ليس من الصعب إدراك أن إنريكي اختار عدم الاعتماد على مُهاجم صريح (المركز رقم 9)، وعوّل بشكلٍ أساسي على موهبة العناصر الهجومية وسرعاتهم الكبيرة.

في المُقابل، لعب إنتر ميلان برسمٍ تكتيكي 3-5-2، وكان واضحاً أن سيموني إنزاجي يرغب في إيجاد تكتلات في وسط الملعب وعلى الرواقين بهدف حرمان باريس من عناصر الخطورة لديه.

مالت كفة المُباراة منذ اللحظة الأولى للفريق الباريسي بسبب جودة العناصر في وسط الملعب وفي الشق الهجومي بشكلٍ أساسي.

اعتمد الثلاثي الهجومي الباريسي على تكتيك تدوير المراكز Positional Rotation، وذلك بهدف خلخلة التكتل الدفاعي للإنتر وإيجاد ثغرات للتحرك وزاويا للتمرير البيني في الثلث الأخير من الملعب.

استفاد الباريسيون من جودة عناصر الخط الهجومي، وازدادت شراستهم بفضل إسهامات الظهيرين وخاصةً أشرف حكيمي، مع مُساندة خط الوسط الذي غلب عليه الطابع الهجومي بوجود فابيان رويز وفيتينيا وجواو نيفيز.

جسدت لقطة الهدف الأول مميزات باريس الحاسمة، فاستفاد الفريق من موهبة كفارتسخيليا على مركز الجناح، واستفاد من حُسن تمركز اللاعبين في الثلث الأمامي رغم التكتل الدفاعي الصارم للإنتر فانفتحت زوايا التمرير الدقيق في منطقة صناعة الخطر.

تحرك دوي بشكلٍ مثالي داخل منطقة الجزاء مُستفيداً من قدرته على المُباغتة، وارتبك دفاع الإنتر بسبب التحركات المُستمرة لنجوم الفريق الباريسي.

نجح فيتينيا في العثور على زاوية التمرير لدوي داخل منطقة الجزاء، وقبل أن يتدارك الخط الدفاعي للإنتر الهفوة مرر دوي الكرة لحكيمي الذي أسكنها الشباك بسهولة في الدقيقة 12 في تطبيق مثالي أيضاً لـ تكتيك الرجل الثالث Third man Tactic.

حاول لاعبو إنتر ميلان إحداث ردة الفعل بعد الهدف المُبكر، ولكن انضباط الباريسيين وحيوية منظومتهم الدفاعية وقفت بالمرصاد، بالإضافة إلى محدودية المجهود الهجومي للفريق الإيطالي.

وفي لقطة الهدف الثاني جسد باريس سان جيرمان نقاط قوته من جديد، فاللقطة بدأت بافتكاك مثالي للكرة، واستغل الفريق قدرته على التحول السريع.

وصلت الكرة لعثمان ديمبيلي وسُرعان ما لحق به باقي المنظومة الهجومية، ارتبك دفاع الإنتر من جديد، وسُرعان ما تم نثل الكرة للجانب الآخر من الملعب (غير المحمي دفاعياً) لتصل الكرة إلى ديزيري دوي الذي أطلق تصويبة قوية هزت الشباك في الدقيقة 20 بعد اصطدام الكرة بديماركو.

طبّق باريس في لقطة الهدف الثاني مفهومين من أهم مفاهيم الكرة الحديثة، فمن جانب استفادوا من التحول السريع الذي يُباغت المُنافس غير المُستعد للدفاع، ومن جانب آخر طبقوا أسلوب Overload to Isolate أو Switch of play.

وجاء ذلك عن طريق استغلال تركيز اللعب على أحد جوانب الملعب مع سحب مُدافعي المُنافس لمُجابهة هذا الخطر، وذلك بهدف توفير المساحة والظروف المُناسبة لأحد اللاعبين من أجل مُهاجمة المُنافس من الجهة الأخرى، وتجسد ذلك بحذافيره في لقطة الهدف الرائع.

إنزاجي افتقد بريقه

وبالانتقال لأداء الإنتر فقد كان مُخيباً جداً للآمال في الشوط الأول، وافتقد الفريق لعناصر التوهج التي أوصلته لنهائي ميونخ.

كان إنزاجي يعتمد بشكلٍ كبير على انطلاقات ظهيري الجناح دومفريس وديماركو، ولكن مع جودة المنظومة الهجومية للفريق الباريسي على الرواقين كان حماية المنطقة الدفاعية هو الأمر ذو الأولوية وهو ما تسبب في انخفاض كفاءة الهجوم للنيراتزوي.

في المُقبل فشل خط الوسط لدى الإنتر في مُجابهة موهبة وسرعة نظيره الباريسي، وفشل الثلاثي باريلا ومخيتاريان وهاكان تشالهان أوجلو في تشكيل الإضافة دفاعاً وهجوماً على حد السواء.

وظهر الإنتر في الثلث الهجومي على استحياء عن طريق مجهودات فردية لتورام ليس أكثر، وكاد أن يُسجل بكرةٍ رأسية ولكن كرته ابتعدت قليلاً عن مرمى دوناروما في الدقيقة 37.

ولم يُحسن الفريق أيضاً استغلال ميزة الكرات الثابتة بسبب حسن تمركز لاعبي باريس أثناء تنفيذها وعدم وجود فارق في الأطوال (نقطة الترجيح الحاسمة في مُواجهة برشلونة في نصف النهائي على سبيل المثال).

وأظهرت إحصائيات الشوط الأول سوء أداء إنتر ميلان الذي سدد لاعبوه تسديدتين فقط لم تكن أياً منهما على المرمى، واكتفوا بنسبة استحواذ وصلت إلى 37 % فقط.

فيما سدد لاعبو باريس 13 كرة من بينهم 5 كرات على المرمى بنسبة استحواذ وصلت إلى 63 %.

  ميدان سباق بلا إشارات مرور

دخل لاعبو إنتر ميلان النصف الثاني من المُواجهة وهم مُتأخرين بهدفين دون رد، كان الهجوم ضرورياً ولا مفر منه بعد صفعة الشوط الأول.

تخلى الفريق عن نهج إغلاق المساحات والتقهقر بأسلوب الكُتلة المُتوسطة The Mid-Block، وحاول مُباغتة الباريسيين لعل وعسى يُمكنهم تسيجيل هدف تقليص الفارق.

فشل لاعبو الإنتر في إحداث الفارق المُتوقع بسبب انخفاض المستوى البدني بالمُقارنة مع المُنافس، فضلاً عن جودة منظمة الضغط الباريسية وحُسن التمركز الدفاعي.

انفتحت المساحات المبنية بالأساس على الرغبة الإيطالية في التعويض، وكان ذلك بمثابة البيئة المطلوبة لدى الفريق الباريسي العامر بالمواهب والنجوم ذوي السرعة الكبيرة.

ولن نُبالغ حينما نصف ملعب المُباراة في الشوط الثاني بأنه تحول إلى ميدان سباق بلا أي إشارات مرور فانطلقات السرعات الباريسية بدون أي عائق.

تجسد ذلك في لقطة الهدف الثالث الذي جاء في الدقيقة 63 بعد تجسيد لجودة مهاراة تناقل الكرة وتدويرها في مراحل بناء الهجمة انتهاءَ بهز الشباك.

فبدأت اللقطة بوصول الكرة لديمبيلي في منتصف الملعب، نجح في تحويلها بكعبه إلى فرصة خطيرة بعد انطلاقة من فيتينيا وواكب تحركه تحرك دوي بشكلٍ مثالي لصناعة زاوية تمرير مُناسبة تُمكنه من هز الشباك وتحقق له ما أراد في الدقيقة 63.

انهار إنتر ميلان بعد ذلك أكثر، وانفتحت المساحات أكثر، ومن تحرك جديد لكفارتخسيليا تمكن من هز الشباك بعد إنهاءٍ دقيق لفرصة صنعها ديمبيلي في الدقيقة 73.

ظهرت سلبيات دفاع إنتر ميلان الذي فشل في مُجاراة سرعات الفريق الباريسي، وحُسن تمركزهم، وجودة التحركات المُباغتة في مناطق صناعة الخطر، فضلاً عن جودة منظومة تدوير وتناقل الكرة.

واكتملت اللوحة الباريسية بهدف تيكي تاكا كتالونية بصبغة باريسية سجله البديل سيني مايولو في الدقيقة 86.

موهبة رفيعة المستوى تصنع الفارق

فرض النجم الفرنسي ديزيري دوي نفسه نجماً فوق العادة لمُباراة نهائي دوري الأبطال، وكان النجم الأبرز في اللقاء بفضل تحركاته الرائعة ولمساته الحاسمة.

وأظهرت إحصائيات المُباراة جودة الأداء الذي قدمه دوي على مدار دقائق مُشاركته في اللقاء، إذ لعب 67 دقيقة، سجل فيهم هدفين وصنع هدفاً، وسدد 3 تسديدات على المرمى.

وقام بمُراوغة ناجحة، وقدم 26 تمريرة من بينهم 19 تمريرة صحيحة بنسبة دقة وصلت إلى 73 %.

وقدم دوي 3 تمريرات مفتاحية وصنع فرصتين كبيرتين للتسجيل.

وللتدليل على غياب إنتر ميلان هجوماً بجانب غيابه الدفاعي يكفينا أن نُشير إلى أن قائد الخط الأمامي لاوتارو مارتينيز لم يُسدد أي تسديدة سواء على المرمى أو خارجه على مدار 90 دقيقة، وفقد الاستحواذ على الكرة 13 مرة، وبدا مستسلماً لصلابة المنظومة الدفاعية للقادمين من عاصمة النور.

إنريكي ينتصر لأفكاره

حينما كان مبابي لاعباً لباريس سان جيرمان الموسم الماضي وبدأ الحديث يزداد بكثافة أكبر عن اقترابه من ريال مدريد، شدد إنريكي على أن فريقه سيُصبح أفضل في غيابه وكررها أكثر من مرة.

ظنّ البعض أن إنريكي يُعبر بكبرياء باريسي عن عدم اكتراثه برحيل النجم الأول للفريق، ولكن أثبتت الأيام أنه مُحق في كل كلمة.

اعتمدت فلسفة إنريكي على إيجاد مجموعة من اللاعبين القادرين على صناعة الفارق دون التعويل فقط على سياسة الاعتماد على النجم الأوحد.

تحقق للخبير الإسباني ما أراد، وتحول باريس لفريقٍ عامر بالعناصر الموهوبة القادرة على صناعة الفارق حتى في ظل غياب المهاجم الصريح “المُهاجم رقم 9”.

ويكفينا أن نُشير إلى أن الفريق الباريسي حسم اللقاء دون إشراك جونسالو راموس وبرادلي باركولا وزائير إيمري حتى الرمق الأخير من اللقاء.

وبالتأكيد فإن انتصار اليوم يُعد نجاحاً كبيراً لإنريكي الذي تُوج بدوري الأبطال للمرة الثانية ومع فريقين مُختلفين (برشلونة 2015 – باريس 2025).

شاهد أيضًا:





‫0 تعليق

اترك تعليقاً